أصبح البروفيسور جيفري هينتون، أستاذ جامعة تورنتو والمعروف باسم "أبو الذكاء الاصطناعي"، حارسًا غير رسمي للصناعة في الآونة الأخيرة. فقد استقال من عمله في شركة جوجل هذا الربيع ليتمكن من انتقاد المجال الذي ساهم في تأسيسه بحرية أكبر. وقد رأى في الارتفاع الأخير في الذكاء الاصطناعي الذي ينتجه النماذج المولدة، مثل ChatGPT وBing Chat، علامات على التسارع الغير مراقب والمحتمل للخطورة في التطور. وفي الوقت نفسه، كانت جوجل تبدو وكأنها تتخلى عن ضبطها السابق لتطارد المنافسين بمنتجاتها مثل روبوت الدردشة Bard.
وفي مؤتمر Collision الذي عُقد هذا الأسبوع في تورنتو، عبر هينتون عن مخاوفه الأكبر. في حين كانت الشركات تتبجح بأن الذكاء الاصطناعي هو الحل لكل شيء، بدءًا من إتمام العقود الإيجارية حتى شحن البضائع، أطلق هينتون نداء الإنذار. فهو ليس مقتنعًا بأن الذكاء الاصطناعي الجيد سينتصر على النوع السيئ، ويعتقد أن اعتماد الذكاء الاصطناعي بطريقة أخلاقية قد يأتي بتكلفة باهظة.
أكد هينتون أن الذكاء الاصطناعي جيد فقط بقدر الناس الذين يصنعونه، وأن التكنولوجيا السيئة لا يمكن إيقافها عن الفوز. "لست مقتنعًا بأن الذكاء الاصطناعي الجيد الذي يحاول إيقاف الذكاء الاصطناعي السيئ يمكنه السيطرة"، وأوضح هينتون. ومن الممكن أن يكون من الصعب إيقاف الشركات العسكرية الصناعية من إنتاج الروبوتات القتالية، على سبيل المثال، وقد "تُحب" الشركات والجيوش الحروب التي يتحمل فيها الآليون الخسائر، حيث يمكن استبدالهم بسهولة. وعلى الرغم من أن هينتون يعتقد أن النماذج الكبيرة للغة (الذكاء الاصطناعي المدرب الذي ينتج نصًا شبيهًا بالإنسان، مثل GPT-4 من OpenAI) يمكن أن تؤدي إلى زيادات هائلة في الإنتاجية، فإنه يشعر بالقلق من أن الطبقة الحاكمة قد تستغل هذا فقط لإثراء أنفسهم، مما يوسع الفجوة الاقتصادية الكبيرة بالفعل. وقال هينتون إنه سيجعل "الأغنياء أكثر ثراءً والفقراء أكثر فقرًا".
كما أعاد هينتون التأكيد على رأيه المعروف بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يشكل خطرًا حقيقيًا على الجنس البشري. إذا أصبح الذكاء الاصطناعي أذكى من البشر، فلا يوجد ضمان بأن الناس سيظلون في السيطرة. "نحن في ورطة" إذا قرر الذكاء الاصطناعي أن السيطرة ضرورية لتحقيق أهدافه، وفقًا لهينتون. بالنسبة له، فإن التهديدات "ليست مجرد خيال علمي"، بل يجب أخذها على محمل الجد.
وأضاف هينتون أن هناك مشكلات كثيرة موجودة بالفعل. ويقول إن التحيز والتمييز لا يزالان قضية، حيث يمكن أن تؤدي بيانات التدريب غير المتوازنة للذكاء الاصطناعي إلى نتائج غير عادلة. كما أن الخوارزميات تخلق حجرات صدى تعزز نقل المعلومات الخاطئة ومشاكل الصحة النفسية. كما يشعر هينتون بالقلق من أن ينتشر الذكاء الاصطناعي المعلومات الخاطئة خارج هذه الحجرات. وليس واثقًا مما إذا كان من الممكن التقاط كل ادعاء زائف ، على الرغم من أنه "مهم جدًا تحديد كل شيء كزائف".
ومع ذلك ، لا يعني ذلك أن هينتون يعاني من اليأس حول تأثير الذكاء الاصطناعي ، على الرغم من أنه يحذر من أن الاستخدامات الصحيحة للتكنولوجيا قد تأتي بثمن باهظ. قد يضطر البشر لإجراء "عمل تجريبي" لفهم كيف يمكن أن يسير الذكاء الاصطناعي بشكل خاطئ ، ولمنعه من السيطرة. وقال هينتون إنه بالفعل يمكن "تصحيح" التحيز ، وقد يضع الذكاء الاصطناعي الكبير حدًا لحجرات الصدى ، لكن هينتون يرى أن التغييرات في سياسات الشركات هي ذات أهمية خاصة.
وأجاب البروفيسور بكل صراحة على أسئلة حول فقدان الناس لوظائفهم بسبب التشغيل الآلي. ويشعر بأن "الاشتراكية" مطلوبة لمعالجة عدم المساواة ، وأن الناس يمكنهم التحوط من البطالة من خلال اتخاذ مهن يمكن تغييرها مع الزمن ، مثل السباكة (ولا ، ليس يمازح). وبصورة فعالة ، قد يضطر المجتمع إلى إجراء تغييرات شاملة للتكيف مع الذكاء الاصطناعي.
يشير المقال إلى أن المناقشات السابقة في مؤتمر Collision كانت أكثر تفاؤلاً. وذكر رئيس أعمال Google DeepMind Colin Murdoch في مناقشة مختلفة أن الذكاء الاصطناعي يحل بعضًا من أصعب التحديات التي تواجه العالم. وهناك قليل من الجدل حول هذا الجانب - فإن DeepMind يقوم بتصنيف كل بروتين معروف، ومحاربة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، وحتى تسريع العمل على لقاحات الملاريا. وتصور "الذكاء الاصطناعي العام" الذي يمكنه حل مشاكل متعددة، وأشار إلى منتجات Google كمثال. فالتطبيق Lookout مفيد لوصف الصور، لكن التكنولوجيا الأساسية تجعل من YouTube Shorts قابلًا للبحث. وذهب موردوخ إلى درجة القول بأن الأشهر الستة إلى 12 الماضية كانت "لحظة فهم" للذكاء الاصطناعي التي فتحت قدراته.
يتفق عالم الحاسوب الرئيسي في Roblox مورغان ماجوير بشكل كبير. ويعتقد أن أدوات الذكاء الاصطناعي الإنشائي لمنصة اللعبة "أغلقت الفجوة" بين المبتدئين والخبراء، مما يجعل من الأسهل كتابة الشفرة وإنشاء مواد داخل اللعبة. وحتى Roblox تطلق نموذجًا مفتوح المصدر للذكاء الاصطناعي ، يأمل أن يساعد الآخرين عن طريق جعل النماذج الكبيرة للغة أكثر إمكانية الوصول. على الرغم من أن ماجوير اعترف بالتحديات في توسيع وتنظيم المحتوى، فإنه يعتقد أن العالم الافتراضي يحمل إمكانيات "غير محدودة" بفضل مجتمعه الإبداعي.
وعبر كل من موردوخ وماجوير عن بعض المخاوف نفسها التي عبر عنها هينتون، ولكن توجههم كان أقل تحذيرًا. أكد موردوخ أن DeepMind تريد AI "آمنًا وأخلاقيًا وشاملًا"، وأشار إلى استشارات الخبراء والاستثمارات التعليمية كدليل على ذلك. يصر التنفيذي على أنه مفتوح للتنظيم، ولكن فقط طالما سمح بـ "اندفاعات مذهلة". بدوره، قال ماجوير أن Roblox يطلق دائمًا أدوات الذكاء الاصطناعي الإنشائي مع مراقبة المحتوى، ويعتمد على مجموعات بيانات متنوعة ويمارس الشفافية.
يشير المقال إلى أن حماس هينتون العام بشأن الذكاء الاصطناعي لم يتأثر بعد تركه لجوجل، على الرغم من العناوين التي تلخص تصريحاته الأخيرة. فإذا لم يستقيل، فكان متأكدًا من أنه سيعمل على نماذج AI متعددة الوسائط حيث تساعد الرؤية واللغة وغيرها من الإشارات في صنع القرارات. "الأطفال الصغار لا يتعلمون فقط من اللغة وحدها"، قال، مشيرًا إلى أن الآلات يمكن أن تفعل الشيء نفسه. وعلى الرغم من قلقه من خطورة الذكاء الاصطناعي، يعتقد أنه في نهاية المطاف يمكنه أن يفعل أي شيء يمكن للإنسان أن يفعله وأنه بالفعل يظهر "قطع صغيرة من المنطق". يمكن لـ GPT-4 التكيف نفسه لحل الألغاز الأكثر صعوبة، على سبيل المثال.
يعترف هينتون بأن حديثه في مؤتمر Collision لم يذكر الكثير عن الاستخدامات الجيدة للذكاء الاصطناعي، مثل مكافحة تغير المناخ. ومن المحتمل أن تكون تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي صحيًا ، حتى لو كان من المهم لا يزال القلق بشأن الآثار. واعترف هينتون بحرية بأن حماسه لم يتأثر رغم المشاكل الأخلاقية والمعنوية القادمة. "أنا أحب هذا الشيء"، قال. "كيف يمكنك عدم الحب في صنع أشياء ذكية؟"